top of page

من شروط نجاح نظام الجودة في المنظومة التربويّة


من شروط نجاح نظام الجودة في المنظومة التربويّة

مقدمـة /

أمام مواجهة تحديات العالم المعاصر ،والتي أبرزت أن النجاح في توفير التنمية الشاملة في أي بلد مرتبط ارتباطا وثيقا بنهجها لنظامَ إدارةِ الجودة الشاملة في كافة مجالات التنمية، ولاسيما مجالات التنمية البشرية وضمنها التربية والتكوين، إذ لم يعد كافيا إعمال التربية للجميع ولكن أصبح تحسين جودة التربية تحت جميع مظاهرها (بالأساس في القراءة والكتابة والحساب وفي الاكتساب الصحيح والتدريجي للكفاءات التي تمكن المتعلمين من إيجاد الحلول للتحديات التي تواجه مجتمعهم وعموما التي تواجه الإنسانية ) مطلبا أساسيا في عالم متحول متميز بتطور هائل ومستمر للتكنولوجيات الجديدة للمعلومات والاتصال وبتطور فكري كبير.

ومما يبرر حرص الحكومات – أكثر مما مضى- على إيلاء التعليم المكانة التي يستحقها ضمن سياساتها الوطنية هو ضرورة وفائها بالتزاماتها تجاه المعاهدات الدولية المبرمة حول حقوق الطفل وذلك عبر تحسين نوعية التعليم في أربعة مجالات رئيسية للسياسات العامة [تقرير المنتدى العالمي للتربية في داكار 2000]:

  • تشجيع المدرسين وتطوير قدراتهم المهنية،

  • تعليم إيجابي قائم على الفعالية في اكتساب المهارات الأساسية بمعدل بين 850 و1000 ساعة على مدى السنوات الست الأولى للتعليم،

  • وتحسين عمليات التقييم،

  • إنتاج الكتب المدرسية وتوزيع الكتب المدرسية مجانا في المناطق ذات الأولوية،


ومن المعلوم أن فكرة الانتقال إلى نظام الجودة تظل فكرة قائمة لدى كل إنسان واع بحقيقة وجوده، كما ظلت منذ ما يزيد عن عقد من الزمن، ترافق أجندة وزارة التربية الوطنية، لكن دون إقدام ملموس على وضع نظام متكامل للجودة خلال عشرية الإصلاح الأخيرة.


مفهوم الجودة الشاملة في ميدان التربية والتعليم:

يقصد بالجودة باختصار الوفاء بمتطلبات المستفيد (الطرف أو الأطراف المعنية بنتائج الجودة) الحالية والمستقبلية عبر إتقان أي عمل يحقق النجاح المرغوب تبعا لشروط نجاح محددة سلفا وخاضعة لمعايير الجودة المعمول بها عالميا -في ميدان التربية و التعليم.

ونظام الجودة يُعنى بتسيير الجودة وتحسينها المستمر بالاستفادة المثلى من الموارد المتاحة (البشرية والمادية والمالية) بهدف زيادة الإنتاجية وتخفيض التكلفة والتقليل من الأخطاء، و بالتالي إرضاء المستفيد، وحينما نقول نظام الجودة الشاملة أو الكلية بالنسبة لمنظومة التربية يعني أن هذا النظام سيلمس كل مكونات المنهاج التربوي (أهدافا وبرامجا مدرسية واستراتيجية، و المحيط الاجتماعي الاقتصادي والثقافي والسياسي ،والتكنولوجيات التربوية، و البنيات التحتية و المعدات، وتلاميذ وأطر تربوية وإدارية ، وتعليما وتعلما، وخدمات…قصد الاستجابة لحاجات الحاضر ومتطلبات المستقبل للمستفيد، بصفة خاصة التلميذ الموضوع في صلب الاهتمامات بمنظومة التربية والتعليم. وعموما كل طرف بشري أو مادي يعمل في خدمة التلميذ في تناغم تام مع التنمية المستدامة للمنظومة التربوية.

وللإشارة يجعل التباين التنموي بين بلدان العالم مفهوم الجودة مفهوما غير ثابت، فالجودة ومعاييرها تبقى نسبية حسب الزمان والمكان وحسب المستفيدين من نظامها وحسب ظروفهم. ويمكن لنظام الجودة الشاملة أن يحقق فوائد كثيرة في تطوير المؤسسات التي تعمل على إدارتها وفق المنهج السليم لتطبيق نظام الجودة الذي يتبنى تخطيطا استراتيجيا يحدد بشكل دقيق معايير الجودة في توافق وتلائم مع خصوصياتها، كما يحدد أيضا التزامات كل المتدخلين ولإجراءات ضمان الوفاء بها.

وفي مجال منظومة التربية والتعليم يمكن أن نذكر على سبيل الإيجاز الفوائد التالية:

  • تحسين مردودية العملية التربوية ومخرجاتها بصورة مستمرة وفق أقل الجهود (تكامل بين تدخلات الفاعلين) والتكاليف.

  • تطوير المهارات القيادية والإدارية لقيادات مؤسسات التربية والتعليم سواء تعلق الأمر بالمديريات أو المؤسسات التعليمية.

  • تنمية كفاءات الفاعلين التربويين (بما فيها الكفايات المستعرضة).

  • تحقيق رضا المستفيدين وهم (التلاميذ، أولياء الأمور، الأطر التربوية، المجتمع، سوق الشغل.

  • توفير أدوات ومعايير لقياس الأداء (مدرسي، مهني،) للقدرات الحقيقية للمقوَم. ولقياس الجودة بالتعليم تعتمد عدة معايير نذكر منها:

  • معايير تتعلق بالمدرسين: عددهم، كفاءاتهم المهنية، درجة احترامهم لتلامذتهم، مدى انخراطهم في تنمية المؤسسة التي يعملون بها.

  • معايير تتعلق بالتمدرس: نسبة عدد التلاميذ إلى المدرسين، متوسط تكلفة التلميذ الرغبة في التعلم، نوعية الخدمات الموفرة (مكتبة. مرافق صحية،…)، ونشير إلى أنه من الخطأ الاعتماد على مؤشرات كمية لوحدها للحكم على جودة خدمة مقدمة، مثلا عدد الساعات التي يقضيها تلميذ بقاعة متعددة الوسائط أو بمكتبة المؤسسة، لأنه في ظل غياب تقييم لأنشطة التلميذ بداخلها والآثار التي أحدثتها (أو ستحدثها لاحقا) في تقدم تحصيله الدراسي أو المعرفي ؛ أو القول بأن تكوينات تربوية حققت نجاحا (كانت جيدة) لأن المشاركين المستهدفين منها حضروا (لأنه يلزم توفر الحضور الجسدي والحضور العقلي اللذين يرتبطان بمحفزات من بينها: استجابة التكوين لحاجات المستهدفين منه، جودة مضمونه ،اختيار المكان والزمن المناسبين، كفاءة المكوّن،…)

  • معايير في علاقة بالمناهج الدراسية: جودة البرامج الدراسية، جودة بناء الإيقاعات الزمنية وفقا للحياة المدرسية الجيدة، جودة الكتب المدرسية شكلا ومضمونا، درجة ارتباط البرنامج الدراسي بالواقع المعيش، جودة النقل الديداكتيكي للمفاهيم، …

  • معايير في علاقة بإدارة المؤسسة التعليمية: التحلي بالعلاقات الإنسانية النبيلة، الكفاءة المهنية، الالتزام بالجودة، التكوين المستمر، الشفافية،

  • معايير مرتبطة بالموارد المادية: صلاحية البناية المدرسية، توفرها على جميع المرافق الضرورية لحياة مدرسية صحية وآمنة، بما فيها الطاولات التي ينبغي أن تكون على مقاس متوسط طول تلاميذ سلك معين قصد توفير الراحة لهم.

  • معايير في علاقة بين المدرسة ومحيطها الاجتماعي: درجة استجابة المدرسة لمتطلبات تنمية محيطها الاجتماعي. مدى نسجها لعلاقات مع محيطها الاقتصادي وعموما الخدماتي، توفرها على جمعيات حقيقية (مفعلة ومنتجة) للتلاميذ/ لأولياء التلاميذ / للعاملين القدماء، …

وبغية ملامسة آثار الجودة من خلال تحقيق واقعي لفوائدها، ينبغي بالطبع الالتزام بالعمل وفق شروط تحصيل هذه الآثار، حيث التخلي عن بعضها تكون له تداعيات سلبية على مستقبل النتائج المرجوة، بل قد تتعداه لترجع وضعية الانطلاق إلى وضعية أعقد منها.

تدوينات للمطالعة الأكيدة

بوابة الموقع

مدوّنات حديثة النشر
أرشيف التدوينات
Follow Us
  • Wix Facebook page
  • Google+ Social Icon
  • Wix Twitter page
bottom of page