صياغة السياسات العامة المتعلقة بالمناهج الدراسية

 

تتناول هذه الوحدة الحوار حول السياسات، أي عملية صياغة السياسات العامة المتعلقة بالمناهج الدراسية عبر إشراك الجهات المعنية والتشاور معها. وترسي هذه السياسات القواعد الضرورية لعمل مطوري المناهج الدراسية.

تهدف النشاطات الواردة في هذه الوحدة إلى مساعدة مطوري المناهج في مختلف المراحل التي تمر بها عملية صياغة سياسات المناهج الدراسية:

1. العاملون والسياق المناسب للحوار: إجراء مسوحات سياقية على مستوى النظام التعليمي وعلى نطاق واسع.

2. عمليات التشاور: كيفية تحديد الجهات المعنية الرسمية وإشراكها في الحوار والمشاورات حول السياسات.

3. الاستناد إلى الإرادة السياسية للتشجيع على التغيير في التعليم: كيف يستطيع مطورو المناهج الدراسية إجراء نقاشات مثمرة مع صانعي القرارات التابعين للحكومة بغية الحصول على الدعم اللازم والقيادة الضرورية خلال عملية تغيير المناهج.

4. المسائل الحساسة: كيف تعاملت دول متعددة من جميع أنحاء العالم مع بعض المسائل الحساسة من الناحية السياسية والثقافية والمتعلقة بالمناهج الدراسية بهدف حماية الأهداف والمصالح الوطنية وتعزيزها.

 

تأملات بشأن الحوار حول السياسات

تتطلب صياغة السياسات التعليمية، وسياسات المناهج الدراسية بشكل خاص، تحليلاً دقيقاً للسياقات والأوضاع. ويسمح ذلك بتحديد المسائل والتغيرات المحتملة، وبتقييم إمكانية تطبيق التغيير والتطوير والفرصة المناسبة لهما. وبهدف إضفاء الطابع الشرعي على تدخل الدولة في مسائل المناهج الدراسية، من الضروري الحصول على مساهمة الجهات المعنية المختلفة عند تعريف سياسات المناهج الدراسية واستراتيجياتها، مع السعي نحو إيجاد التناغم، والتكافل، والتوازن بين المسائل التي غالباً ما تكون متعارضة.

إن مستوى التوافق الاجتماعي حول الحاجة لإحداث تغييرات في مجال التعليم يعكس جزئياً إمكانية تطبيق الإصلاحات ونطاقها.

وفي بعض الحالات التي لا تتوافق فيها الدولة بشكل كامل مع الجهات الفاعلة في قطاع التعليم، تبرز الحاجة إلى طاقة مؤسسية كبيرة وإلى مزيد من الوقت والموارد المالية لمعالجة هذه التوترات والمشاكل والتباينات في الآراء التي يتضمنها كل مجال من المجالات.

غالباً ما تنتج عن عمليات تصميم المناهج الدراسية وتطويرها توترات ومعضلات واختلافات في الآراء، ويعود ذلك إلى أسباب متعددة:

• يعتبر المنهاج الدراسي مصدر تأثير قوي: فهو يحدد أجندة المتعلمين والمعلمين والأولياء وأرباب العمل والجهات المعنية الأخرى المهتمة بالمخرجات التعليمية، ويوفر لهم إطاراً لاستيعاب المحتوى ومعنى الأفكار الموجودة فيه. وترى الجهات المعنية أن اتباع الطلاب منهجاً دراسياً مشتركا يمكن أن يوحّد رؤيتهم للمعارف ذات القيمة العالية بالإضافة إلى اعتماد تصنيف هرمي معين لمجالات المعرفة وتطوير مفاهيم وقناعات محددة متعلقة بها.

• يشكل تطوير المناهج الدراسية عملية نقاش اجتماعي يشمل جهات معنية مختلفة في المجتمع على المستوى المحلي والوطني. وقد يولّد المنهج الدراسي خلافات أيديولوجية أو مشاكل سياسية بالنظر إلى ارتباطه بالمصالح الأيديولوجية والدينية والمهنية والاقتصادية والأكاديمية ومصالح الجمعيات الاجتماعية والثقافية ... وغيرها.

• يعتبر النظام التعليمي قطاعاً استراتيجياً في المجال الاقتصادي نظرا للدور الهام الذي يلعبه في تحسين قدرته التنافسية. وهذا ما أدى إلى تصريحات سياسية متكررة لم تربط المخرجات التعليمية والأداء في الاختبارات الدولية بقدرة البلد التنافسية في السوق العالمية فحسب بل بالمصالح الوطنية أيضاً.

• تحدد القرارات المتعلقة بالمناهج الدراسية طريقة استخدام الموارد: يظهر هذا في تسليط ضغوطات بشأن ضرورة تغيير المناهج الدراسية عبر زيادة محتوى جديد، والترويج لبعض المهارات ومجالات المعرفة من قبل جهات معنية مختلفة، والسعي إلى زيادة مدّة الصف وإلى إضافة مزيد من الموارد المادية والبشرية للحصول في النهاية على الاعتراف الاجتماعي والمكافآت الاقتصادية. غير أن قيود الوقت والمكان لا تزال موجودة زذل بالإضافة إلى أن التحديات المالية التي تواجهها بلدان متعددة تزيد من صعوبة زيادة الإنفاق على التعليم.

وتشمل مصادر التوتر الاختلافات الأيدولوجية وتضارب المصالح والعمليات المعقدة الهادفة إلى بناء التوافق التي تؤثر في الأبعاد السياسية الكلية لعملية تطوير المناهج، بالإضافة إلى الأبعاد السياسية الجزئية في كل مجتمع محلي لمدرسة ما، بما يشمل الجسم التعليمي. يتم تغيير المنهج الدراسي الخاص بالمدارس بالاعتماد على أسلوب حواري تعمل من خلاله كل الجهات المعنية على التوصل إلى توافق. وفي بعض الأحيان، يتم اتخاذ القرارات بعد نقاش حاد يجمع كل الأطراف وعبر جعل تطوير المناهج وتصميمها عملية دورية متطورة ومتصلة بالسياق..