top of page

الدعوة إلى العاميّة؛ كفَى، نريد الأمل لا اليأس


الدعوة إلى العاميّة؛ كفَى، نريد الأمل لا اليأس


المحاولة الفاشلة التي تسعى وزارة التربية الوطنيّة القيام بها بشأن اللغة العربية ينبغي التنبيه إلى خطورتها ودلالتها ورمزيتها، وينبغي إيصال هذا الأمر إلى أعلى سلطات البلاد ليتحمّل كل مسؤوليته بشأن مسألة في تقديرنا هي مخالفة للدستور أولا، وقد يكون لها تأثيرٌ سلبي على أمننا الوطني وتماسك وحدتنا الداخلية ثانيا.

هذه المحاولة الفاشلة، بدون شك، لا تستند إلى أي أساس دستوري أو بيداغوجي أو سياسي، ولا يمكن أن نعتبرها خطوة من خطوات الإصلاح، لا بالنسبة للسياسة التربوية ولا لتحسين مستوى اللغات في بلادنا. والمبررات المقدمة لمثل هذا الخيار "المريض" لا تستقيم، ذلك أن العالم لم يعرف بلدا واحدا بَنى عليها سياسته التربوية. فكيف بنا نحن؟ ولماذا في هذا الوقت بالذات؟

إن العامية التي يبشر باستخدامها عبثا القائمون على وزارة التربية ممن يدّعون بأصحاب "الاختصاص" و " الخبراء" من النخب المريضة بانتمائها للجزائر العربيّة المسلمة، لن تعالج أبدا مسألة ضعف مستوى اللغات في بلادنا، عكس ذلك ستُحطّم ما بقي لنا من لغة سليمة، وستجعل من أبنائنا فئران اختبار وتحضّرهم ليفقدوا الحد الأدنى الذي مازال يمكن أن ننقذه لديهم على مستوى اللغات.

المعروف أنه لم يكن للجزائريين في يوم من الأيام مشكلة مع لغتهم المحلية، بل غنوا بها الشعر الملحون من أجمل ما غنوا، وأنشدوا بها الأناشيد الثورية التي ألهبت المشاعر. وفي أحلك حقب الاستعمار وهم يتعلمون الفرنسية على قواعدها الصحيحة، كانوا يحفظون عن ظهر قلب قواعد اللغة العربية السليمة ويقرؤون بها القرآن.. وكم من إطار سام ومثقف اليوم يتقن اللغتين معاً اليوم، وأولهم رئيس الجمهورية؟

هل مَر السيّد الرّئيس (حفظه الله وشفاه) على الدّارجة التي تدعو إليها بعض النخب المفرنسة بوزارة التربية الوطنية؟ ؟

وحتى غداة الاستقلال كنا عندما ندخل الكُتَّاب (المدارس القرآنية) ، كُنّا نتعلم اللغة العربية على أصولها، وعندما نلتحق بالمدرسة التي لم تُعرَّب بعد، نتعلم الفرنسية على قواعدها السليمة.

- فكيف بنزوة شخص أو مجموعة أشخاص اليوم، تسعى لإحداث كل هذا الإرباك غير المبرر؟

- لماذا نخلق لأنفسنا مشكلاتٍ نحن في غنى عنها؟

- هل استخدام الدارجة هو الذي سيحل مشكلة المنظومة التربوية ويضعها ضمن الرؤية الصحيحة؟

- أليست هذه مغالطة في الطرح؟

- أليس في هذا خلل في منهج الرؤية؟

إننا لا نريد لمنظومتنا التربوية أن تسير باتجاه المشكلات الثانوية، ولا لسياسة التربية أن تنزل إلى هذا المستوى المتدني من النقاش الذي عفا عنه الزمن. إننا لا نريد خيبة أمل مرة أخرى في هذا القطاع، بل علينا أن نبحث عن طرح يكون في مستوى تطلعات شبابنا نحو المستقبل؛ نحو الانفتاح على اللغات العالمية وعلى التكنولوجيات المختلفة بلغاتها، نريد الأمل لا اليأس.


Featured Posts
Recent Posts
bottom of page