top of page
مقدّمــة
1) المقاربة بالكفاءات :
تقليد؟ أم اختيار؟ أم ضرورة؟

يقدم هذا الدليل إطارا نظريا يمهد لأجرأة فعالة للمقاربة بالكفاءات في المنظومة التربوية الجزائريّة، وذلك في مجالي العملية التعليمية-التعلمية وتكوين الفاعلين التربويين.

ومن خلال عرض هذا الإطار النظري، يبين للمتدخلين التربويين بالجزائر كيف أضحت المقاربة بالكفاءات توجها بيداغوجيا تعتمد عليه الإصلاحات التربوية في عدد كبير من الدول. كما أن تحديد الإطار التصوري لهذه المقاربة يُراد منه، في الوقت نفسه، توضيح المفاهيم الأساس وتوحيد الممارسات التربوية، وذلك بغية الإسهام في تحسين جودة خدمات النظام التربوي.

2 - المقاربة بالكفاءات في مجال التربية

شكلت المقاربة بالكفاءات في بداية الأمر، وإلى عهد قريب، موضوع اهتمام خاص بالمجال المهني، قبل أن تتوسع تدريجيا لتمتد إلى ميدان التدريس، وذلك حسب نهج يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات هذا الميدان.

وهذا التوسع، الذي انطلق في بعض الدول في العقود الأخيرة من القرن الماضي، اصطدم أولا بالممارسات المتمركزة على السلوكات القابلة للملاحظة، وبصفة عامة، بثقافة بيداغوجيا الأهداف التي ترسخت منذ عدة عقود، والتي يرى مؤيدوها أن هذا التغيير يمثل قطيعة مخلة بالتوازن. وأضحت المقاربة بالكفاءات اليوم رمز الامتياز، وشكلت الاختيار الأول لعدد متزايد من الأنظمة التربوية.

وتم تعليل صحة هذا الاختيار بكون التدريس بالكفاءات الذي يبنى على مبادئ مستقاة من البنائية والسوسيوبنائية، ويترجم من خلال تعلم متمركز حول المتعلم هي مقاربة تحاول تقليص الهوة بين المجتمع والمدرسة وتسعى إلى الإنصاف، وذلك بضمان تعليم جيد ومستديم وقابل للتحويل في الحياة الشخصية والاجتماعية والمهنية

 

لكن ما سبب الاندفاع نحو الكفاءات في التربية المدرسية؟

 

يجيب (Philippe Perrenoud)  قائلا: " إن الاندفاع الحالي نحو الكفاءات يرتبط بمعاينتين :

الأولى - أن مسألة تحويل وتعبئة القدرات والمعارف ليست سهلة المنال، لأنها تتطلب التمرن والتمرس، وهذا يستلزم وقتا كبيرا، وخطوات ديداكتيكية ووضعيات ملائمة؛

الثانية - أن التحويل وتعبئة الموارد في المدرسة لا يحظى بقسط وافر من الوقت، ولا تعطى أهمية للتمرن على ذلك، وتتمخض عن قلة هذا التمرس وضعية يُكدِس وضعيات من الحياة اليومية، وفي الشغل أو خارجه. "

 

لم يعد امتلاك المعارف وحدها، في القرن الواحد والعشرين، يشكل وضعا حاسما فعلا، بل المعول عليه هو طريقة تدبيرها وتعبئتها. فلكي يعيش الإنسان اليوم ويندمج في هذا العالم، أ صبح مطالبا بأن يبرهن على امتلاك مستوى في تدبير واستعمال المعارف يفوق ما كانت تحتاجه الأجيال السالفة. لذا أصبح التعلم تحديا دائما، وأصبحت المدرسة ملزمة بتنمية كفايات المتعلمين، على نحو تمكنهم من الاستمرار في التعلم الذاتي طوال حياتهم، أي أن عليها أن تستهدف تعلما مستديما وقابلا للتحويل.

 

 أما الإطار المرجعي للكفاءات، فإن صياغته تشكل حاليا قطب اهتمام لدى الباحثين في علوم التربية، ومن تم فإن اعتماد المقاربة بالكفاءات يعني مراجعة عميقة للسياسة التربوية عامة وإعادة منسجمة لهيكلة المناهج التربوية بالنسبة لجميع المستويات الدراسية: ابتدائي، متوسط، ثانوي ، جامعي.

 

والهدف من هذا كله هو تسهيل الولوج لتعلم جيد ومستديم وقابل للتحويل في الحياة الشخصية والاجتماعية والمهنية من جهة، وتشجيع المواطنين الناشئين على المشاركة النشيطة في التنمية المستدامة للمجتمع وحثهم على احترام القيم الاجتماعية المتعلقة بالمواطنة من جهة أخرى.​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​

 

في عصرنا الحاضر نلاحظ تضخم الإنتاج المتعلق بالمقاربة بالكفاءات. فبالإضافة إلى ما تم نشره وتدريسه من قبل متزعمي المدارس البارزة في الميدان، هناك أدبيات واسعة في الموضوع موزعة بين اهتمامات مختلفة، كتقديم تأويلات أو عرض تجارب أو العمل على تبسيط المقاربة المذكورة، وكلها تنم عن مجهود كبير من قبل المهتمين الملتزمين، سواء كانوا محترفين أو غير محترفين.

 

لقد ترتب عن هذا التضخم ممارسات مختلفة ومتفرقة، تشهد بوجود وضع يتميز في الوقت نفسه بالائتلاف والاختلاف على مستوى التأويلات التي توحي بالحماس أو الارتياب، وتثير نقاشات أو خلافات، والتي، عوض أن تفضي إلى توضيحات، تمخضت عنها توجهات لم تستطع الإجابة عن تساؤلات المدرسين بخصوص طرق أجرأة المقاربة بالكفايات داخل القسم.

 

يهدف نشر هذا الدليل إلى معالجة هذا الوضع المتّسم بالتناقض حيث غزارة الكتابات وكثرة الثغرات. والحقيقة أن هذا الدليل يأتي استجابة لرغبات مختلف الفاعلين التربويين الذين يعبرون يوميا عن حاجتهم إلى إيضاحات بخصوص مصادر وأسس ومفاهيم ومنهجيات المقاربة بالكفاءات، معربين بذلك عن رغبتهم في المساهمة بطريقة فعالة وناجعة في تحسين المنظومة التربوية وللوصول إلى هذه الأهداف.

 

يقدم هذا الدليل إطارا نظريا يمهد أ لجرأة فعالة للمقاربة بالكفاءات في المنظومة التربوية الجزائريّة، وذلك في مجالي العملية التعليمية-التعلمية وتكوين الفاعلين التربويين. ومن خلال عرض هذا الإطار النظري، يبين للمتدخلين التربويين بالجزائر كيف أضحت المقاربة بالكفايات توجها بيداغوجيا تعتمد عليه الإصلاحات التربوية في عدد كبير من الدول. كما أن تحديد الإطار التصوري لهذه المقاربة يُراد منه، في الوقت نفسه، توضيح المفاهيم الأساس وتوحيد الممارسات التربوية، وذلك بغية الإسهام في تحسين جودة خدمات النظام التربوي.

 

1 - المقاربة بالكفاءات في السياق الدولي.

تتجه الأنظمة التربوية حاليا، وفي جل أنحاء العالم، نحو المقاربة بالكفايات، هذا التيار التربوي الذي حظي بإجماع الكل من حيث وجاهته، وذلك على صعيد كل دوائر القرار. فبعض الدول، كالولايات المتحدة وأستراليا وبلجيكا وسويسرا وكندا والمملكة المتحدة، تعتبر من الدول التي مهدت الطريق في هذا المجال.

إن هاجس إعادة النظر في المنظومة التربوية في ضوء المقاربة بالكفايات والخوض في إصلاحات جذرية يستمد مشروعيته داخليا من طموحات مختلف التشكيلات الاجتماعية، وخارجيا من توصيات الهيآت الدولية الكبرى كالأمم المتحدة واليونسكو ومنظمة التجارة والتنمية الاقتصادية والاتحاد الأوربي وغيرها من الهيآت التي، بحرصها على تعميم نظام تربوي يمتاز بالإنصاف ويركز على التنمية المعرفية والسوسيو وجدانية، تسعى إلى نشر هذه المقاربة فعلا.

إن وثيرة نمو المجتمعات لم تعد كما كانت سابقا؛  صحيح أن التحكم في المعارف المسماة بالأساس (المهارات الأساس)، أو التعلمات الأساس، اكتسى على مر الأيام أهمية كبيرة، غير أن الاقتصار على ذلك غير كاف، إذ لا يؤهل الفرد لمواجهة متطلبات العصر الملحة والمركبة، فلكي يكون الشخص كفءا، وتثبت كفايته على الصعيد الوطني والعالمي، عليه أن يبذل مجهودا أكبر، وأن يكون قادرا على التعلم بسرعة وبطريقة مغايرة وبجودة عالية.

إن المدرسة التي تعتمد مبدأ " شحن الأذهان بالمعارف " لم تعد مسايرة للوضع الراهن؛ وتم الاستعاضة عنها بمدرسة متناغمة مع المهارة وحسن التصرف، مدرسة تؤثر إيجابا في الأبعاد العاطفية والمعرفية والاجتماعية للشخصية، مدرسة تتحدى مقتضيات العالم المتطور، وتقترح تعلمات مناسبة وذات جودة عالية من أجل تأهيل مواطن الغد، أي مواطن يتميز بملمح دائم التطور، مواطن كوني بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

1) المقاربة بالكفاءات :
تقليد؟ أم اختيار؟ أم ضرورة؟
دليـــــــــل المقاربـــــــة بالكفـــــــاءات ـ الجزء 1 ـ
في الجزء ـ 2 ـ  تجدون:

 

3 – ماذا يقصد بالمقاربة بالكفاءات ؟

 

4 - المقاربة بالكفاءات ونظريات التعلم

دليل المقاربة بالكفاءات     ـ الجزء ـ 1 ـ 

دليل المقاربة بالكفاءات     ـ الجزء ـ 2 ـ

دليل المقاربة بالكفاءات     ـ الجزء ـ 3 ـ

دليل المقاربة بالكفاءات     ـ الجزء ـ 4 ـ

bottom of page