top of page

يظن كثيرون أن الكفاءة تبعد المتعلم عن الممارسات المعتادة ولا يمكن تقويمها بما أنها تحتاج إلى الإدماج وإلى تعبئة الموارد.

إن هذه الادعاءات ليس لها أي أساس علمي لأن الكفاءات قابلة للتقويم، وهذا التقويم لا يتعلق بالشكل الشمولي للكفاءة بل بوضعيات مركبة. وتعتبر بعض المجمعات الكفاءة إشهادا مرتبطا بالمهنية، ويستند إلى مرجعية أو دليل للوظائف والكفاءات. ومن بين هذه المجمعات يمكن ذكر منظمة التجارة والتنمية الاقتصادية والاتحاد الأوربي.

ولقد عمل عدد كبير من الباحثين على بلورة استراتيجيات لتقويم الكفاءات أو إدماج المكتسبات، نذكر من بينهم (Bernard Rey) و (Jean-Marie De Ketele) و (Xavier Roegiers) على سبيل المثال لا الحصر.

 

2.1 - تصنيف الكفاءات

 

يشهد عصرنا الحاضر غزارة في الكتابة في موضوع الكفاءات وفي تصنيفها، وتزخر الكتب والمجلات باصطلاحات وبتفريعات لإفادة الباحث لكن، بتوسلها ببراعة الأسلوب وزخارفه، تفضي إلى تضليل القراء غير المحترسين وجعلهم في حيرة.

 

بصفة عامة، يمكن تصنيف الكفاءات، من جهة، حسب الملمح المرغوب فيه، أو بعبارة أخرى، حسب مواصفات التخرج المنتظرة كما سنرى لاحقا في هذا الدليل.

1 . قبل الشروع في تعريف المفاهيم، لابد من الإشارة إلى أنه عندما يتم الحديث عن المقاربة بالكفاءات، فإنه ينظر إلى الطريق الذي يسلكه المتعلم بخلاف ما ينهجه المتخصصون في الديداكتيك الذين يحملون على كاهلهم مسؤولية تخطيط التعلم، وذلك لأنهم ينطلقون من نقطة الوصول، أي من نقطة نهاية التعلمات، أو بتعبير آخر، من الماكرو-كفاءات التي تعبر عن الملمح أو مواصفات التخرج المطلوبة، ويعملون على تفكيك هذه الكفاءات إلى مستويات صغرى(قدرات، مهارات، معارف)، قبل أن يفسحوا المجال للمربين الذين تكمن مهمتهم في مصاحبة المتعلمين من أجل بناء وتنمية هذه الكفاءات نفسها.

وتستدعي التربية من المتدخلين في عملية التدريس وفق المقاربة بالكفاءات أن يتوفروا على نظرة شمولية ومتقاسمة، تجعلهم واعين بملمح التخرج المرغوب فيه أو الذي من الواجب التوفر عليه في نهاية المسار. فمن الضروري إذن أن يتم الانطلاق من الكفاءات الأساس التي يجب برمجة امتلاكها بشكل تدريجي، مراعاة لمراحل أو مدارج، متوسلين باستراتيجيات إدماجية، لا تتنافى مع التعلمات المجزأة والمنتظمة، بل على عكس ذلك ترتكز على تعلم المعارف والمهارات.

 

 

تعريف الكفــاءة

1.1 - تعريف المفهوم

تعد كلمة «كفاءة» من المصطلحات التي أسالت حبرا كثيرا في العقدين الماضيين، حيث خصص عدد كبير من الباحثين حقبة من الزمن لبناء المفهوم الذي تعددت وتغيرت دلالاته حسب منطلقات لا يسمح السياق بالخوض فيها.

بالنسبة للبعض، تم استعمال مصطلح «كفاءة» للتعبير عن مجموعة من المعارف والمهارات والسلوكات. بالنسبة لآخرين، كان لزاما إظهار فكرة المعارف الإجرائية في النص التعريفي للكفاءة. بالنسبة للبعض الآخر، ترتبط الكفاءة بالمهنة وليس بتربية الأطفال. أما آخرون حديثو العهد، فيرون أن الوضعية هي مجال ممارسة الكفاءة وتنميتها تدريجيا.

تتجه الأبحاث التي تجرى حاليا في هذا الموضوع أكثر فأكثر نحو التقارب، وتُبْرز قدرة الفرد على التصرف بتوازن أمام وضعية-مشكلة ما، وبهذا فإنها تخفف من تضخم المعاني التي ينعشها الفراغ الذي يسود الأوساط المدرسية أو الجامعية.

وفي هذا الصدد، يعرّف (Guy Le Boterf ) في التوجه نفسه، الكفاءة «باعتبارها قدرة على التصرف، أي القدرة على إدماج وتعبئة وتحويل مجموعة من الموارد ( معارف، مؤهلات، تفكير منهجي، ...) في سياق معين، لمواجهة مختلف المشاكل التي تعترض الفرد أو لإنجاز مهمة معينة » .

انطلاقا مما تقدم، يصبح مفهوم الكفاءة دالا على:

- شيء كلي أو مجموعة كلية، لا يمكن أن تكون فقط مجرد مضامين متراكمة.أو مجموع هذه المضامين مكوّمة على شكل موارد،  ولكن «مجموعة منظمة من القدرات (الأنشطة) التي تُطبق على مضامين في إطار صنف معين من الوضعيات من أجل حل مشاكل تطرحها هذه الأخيرة.

- « أو مجموعة من قدرات مدمجة تتيح بطريقة تلقائية فهم وضعية ما والتصرف إزاءها بطريقة ملائمة ،»

- أو كذلك مجموعة من «المهارات العالية المستوى التي تتطلب إدماج موارد معرفية متعددة لمعالجة وضعيات مركبة »

 تتشابك إذن المعارف وتتداخل مع بعضها بطريقة مندمجة، لكي تصبح مهارات و/ أو قدرات تتراكب هي بدورها لترقى إلى كفاءات.

ويجب ألا ينصرف الذهن إلى أن امتلاك مجموعات من الموارد المعرفية يقود تلقائيا إلى الكفاءة، ذلك أن هذه الموارد، ولو مدمجة، يجب أن تعبء بطريقة ناجعة لمواجهة وضعية أو عدد من الوضعيات الدالة.

إن مفهوم الوضعية يعطي بعدا آخر للكفاءة حيث إن مدلول هذه الأخيرة لم يعد محصورا في قدرات مطلقة، بل في قدرات تتداخل بعضها مع بعض لإيجاد حلول مناسبة، قدرات تطفو إلى السطح تلقائيا وبطريقة انتقائية معالجة فئة واحدة أو عدد من فئات الوضعيات-المشاكل فوريا.

وفي هذا الصدد، يقول (Philippe Perrenoud) بأن «الكفاءة هي القدرة على التصرف الفعال أمام فئة من الوضعيات، التي يمكن التحكم فيها نظرا لامتلاك المعارف اللازمة وفي الوقت نفسه القدرة على تعبئتها بدراية وبروية وفي الوقت المناسب، وذلك لتحديد وحل مشاكل حقيقية

تصبح إذن تعبئة الموارد الملائمة مفتاح الكفاءة، لكن على هذه التعبئة أن تصير تلقائية، أي أن تصبح قدرة على تصرف رزين وواع... من أجل إنجاز كامل لعمل ما 25» .

فلم يعد الهدف هو البحث عن إنجاز آلي ولكن تنمية قدرات على التصرف بتلقائية وبطريقة ملائمة ومناسبة أمام وضعية ما، الشيء الذي يقودنا إلى القول مع (Xavier Roegiers) بأن «الكفاءة هي تمكن شخص ما من تعبئة مجموعة من الموارد بطريقة مستبطنة من أجل حل فئة من الوضعيات-المشاكل »

دليـــــــــل المقاربـــــــة بالكفـــــــاءات ـ  الجزء 4 ـ

دليل المقاربة بالكفاءات     ـ الجزء ـ 1 ـ 

دليل المقاربة بالكفاءات     ـ الجزء ـ 2 ـ

دليل المقاربة بالكفاءات     ـ الجزء ـ 3 ـ

دليل المقاربة بالكفاءات     ـ الجزء ـ 4 ـ

دليل المقاربة بالكفاءات     ـ الجزء ـ 5 ـ

يقدم هذا الدليل إطارا نظريا يمهد لأجرأة فعالة للمقاربة بالكفاءات في المنظومة التربوية الجزائريّة، وذلك في مجالي العملية التعليمية-التعلمية وتكوين الفاعلين التربويين.

ومن خلال عرض هذا الإطار النظري، يبين للمتدخلين التربويين بالجزائر كيف أضحت المقاربة بالكفاءات توجها بيداغوجيا تعتمد عليه الإصلاحات التربوية في عدد كبير من الدول. كما أن تحديد الإطار التصوري لهذه المقاربة يُراد منه، في الوقت نفسه، توضيح المفاهيم الأساس وتوحيد الممارسات التربوية، وذلك بغية الإسهام في تحسين جودة خدمات النظام التربوي.

المقاربة بالكفاءات : المفاهيم الأساسيّة

© 2013_ Plateforme de formation cotinue _ منصّة التكوين المستمر . Proudly created with Wix.com

bottom of page